تقرير صادر عن مركز طيران آسيا الباسفيك (كابا)

هل تلعب ” طيران الجزيرة” المحنكة دور المنقذ لشركة الخطوط الجوية الكويتية؟

قد يبدو مستحيلاً أن تجد في منطقة الشرق الأوسط، شركتي طيران تتشاركان بالمحور ذاته، وتختلفان عن بعضهما تماماً كما هو الحال مع ” طيران الجزيرة” و” الخطوط الجوية الكويتية”. فالأولى شركة مملوكة للقطاع الخاص، ومنخفضة التكلفة، وربحيتها عالية.

بينما الشركة الأخرى مملوكة للحكومة، وتعاني منذ عقود من الخسائر ومثقلة بكثرة الموظفين والبيروقراطية. ومع ذلك، يبدو أن مستقبل الشركتين على وشك أن يصبح مرتبطاً ببعضه. إذ أعلن رئيس مجلس إدارة مجموعة طيران الجزيرة مروان بودي أن شركته مهتمة دون شك بشراء حصة في الناقل الوطني حال إطلاق عملية الاكتتاب العام الأولي بأسهمها التي طال انتظارها.

وإذا اشترت ” طيران الجزيرة” حصة بالفعل، فإن هذه الشركة الصغيرة ستلعب لمن هي أكبر منها أي ” الخطوط الجوية الكويتية” دور المنقذ.

ناقلتان وقصتان مختلفتان

باشرت شركة طيران الجزيرة أعمالها في عام 2006، لتكون حينها أول شركة طيران مملوكة لقطاع خاص بشكل عام في الشرق الأوسط، وثاني ناقل اقتصادي في المنطقة بعد شركة طيران العربية. في الأعوام السبعة الماضية، استطاعت شركة طيران الجزيرة أن تنقل أكثر من 28 مليون مسافر. ويعمل أسطولها المؤلف من سبع طائرات طراز A320 ضمن شبكة عمل إقليمية ودولية مُحكَمة بشدة، ويبلغ متوسط زمن رحلاتها ساعتين وربع فقط.

في عام 2012، سجلت شركة طيران الجزيرة أرباحاً قياسية جديدة بلغت 13.9 مليون دينار كويتي أو ما يعادل 48.8 مليون دولار، الأمر الذي جعلها واحدة من أكثر شركات الطيران ربحية في العالم من حيث الحجم.

الأرباح الفصلية لشركة طيران الجزيرة: 2009 وحتى الربع الأول من 2013

1
المصدر: مركز طيران آسيا الباسفيك- مركز الطيران المدني والخطوط الجوية الكويتية

أما شركة الخطوط الجوية الكويتية، الناقل الوطني، فكانت على نقيض ” طيران الجزيرة”، وهي التي تعمل منذ منتصف الخمسينات، لكن أيام مجدها قد ولت. فالشركة تعرضت لنكسة كبيرة إبان الغزو العراقي للكويت في عام 1990، وتابعت تراجعها لتصبح مديونة طوال عقدين من الزمن حتى عام 2012، وفوق هذا كله، تم تعليق خطة خصخصتها في 2011، وهي جزء من المساعي المتجددة لاجتثاث خسائرها.

علاوة على ذلك، يعد أسطول شركة الخطوط الجوية الكويتية من بين الأقدم في المنطقة، ولجأت الشركة إلى تقليص بعض الوجهات، في الوقت الذي وسعت أخرى من شبكة مسارها.  وتعاني الخطوط الجوية الكويتية اليوم من مشاكل خطيرة في سمعتها محليا وخارجيا، تتعلق بقضايا صيانة و إقلاع رحلاتها وفق مواعيدها.

ومقارنة مع شركات الطيران الأخرى المملوكة للحكومات في المنطقة، تعد ” الخطوط الجوية الكويتية” أصغر من حجمها العادي، ورأسمالها أقل من غيرها، ومنتجاتها أقل من المعيار العالمي الذي توفره منافساتها من دول الجوار. وفي حين نقلت شركة الخطوط الجوية الكويتية 2.8 مليون مسافر في 2011، ويتكون أسطولها من 17 طائرة، استطاعت طيران الجزيرة أن تنقل 1.2 مليون مسافر بست طائرات فقط. هذا ولا تزال ” الكويتية” تعمل بطاقة استيعابية أعلى من ” الجزيرة” في مطار الكويت الدولي، لاسيما وأنها تعمل على مسارات طويلة إلى أوروبا، وجنوب شرق آسيا ، ونيويورك أيضاً، لكن ورغم تراجع نموها، استطاعت ” الجزيرة” الطيران الاقتصادي أن تقلص فجوة الطاقة الاستيعابية.

الطاقة الاستيعابية لمطار الكويت الدولي(مقاعد): 22 إبريل 2013- 28 إبريل 2013

2
المصدر: كابا- مركز الطيران المدني وأنوفاتا

خصخصة ” الكويتية”

تحولت مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية إلى شركة مساهمة في عام 2012. وفي شهر يناير من عام 2012، وافق مجلس الأمة الكويتية على قانون خصخصة الناقل الوطني. وبناء على مرسوم قانون الخصخصة، سيتم طرح 35 % من أسهم الشركة على مستثمرين من القطاع الخاص المحلي، أو لمستثمرين أجانب، بينما سيتم تخصيص 40% من أسهمها للبيع لمواطنين كويتيين من خلال اكتتاب عام أولي، و5% سيكتتب بها العاملون الكويتيون المنقولون من المؤسسة إلى الشركة، بينما تحتفظ الحكومة الكويتية بنسبة 20% من أسهم الناقلة كاحتياطي استراتيجي. ومن المتوقع أن تستغرق عملية الخصخصة فترة تصل إلى ثلاثة أعوام.

إضافة إلى قانون الخصخصة، وافق مجلس الأمة الكويتي أيضا على تغطية الخسائر الهائلة التي تكبدتها الشركة. ومن المتوقع أن تبلغ خسائر “الخطوط الكويتية” في العامين الماليين الماضيين وحدهما 560 مليون دولار. وكان وزير المواصلات والسكن سالم الأذينة ذكر في أواخر 2012 أن الخسائر المتراكمة لشركة الخطوط الجوية الكويتية بلغت مليار دولار خلال فترة أربع سنوات. رغم أن الشركة حصلت على 500 مليون دولار في نهاية عام 2012 بعد التسوية الكويتية العراقية في نزاع طويل حول ما تعرض له أسطول الشركة وبنيتها التحتية من أضرار أثناء فترة حرب الخليج. كما حصلت “الكويتية” على 635 مليون دولار تقريبا على شكل قروض.

ووفقا للسيد بودي، فإن الخطوط الجوية الكويتية تخلت عمليا عن سوق المسارات الطويلة، والتنازل عنه لصالح ست شركات طيران تشهد توسعا كبيراً وسريعا في المنطقة. وعوضاً عن ذلك، اختارت

“الكويتية” تحويل بعض طاقتها الاستيعابية نحو عمليات التشغيل الإقليمية، وهو ما يراه بودي مضراً بشركته. إذ يعتقد رئيس مجلس إدارة طيران الجزيرة أن هناك إمكانية تعاون كبيرة بين الشركتين، فالكويتية مسؤولة عن عمليات التشغيل ذات المسافات الطويلة، بينما تعمل ” الجزيرة” ضمن خدمة الشبكات الإقليمية والوجهات ذات المسافات القصيرة.

الوضع المالي

يعد الوضع المالي غير المستقر لشركة الخطوط الجوية الكويتية نقطة شائكة أساسية. فقبل الإقدام على أي استثمار لاحقاً، لابد وأن تجري شركة طيران الجزيرة فحصا فنيا نافيا للجهالة مفصلاً. ورغم أن الحكومة الكويتية ستغطي الخسائر التي ستتكبدها الناقلة الوطنية، تبقى المسألة داخلية، فشركة طيران الجزيرة ستبدي اهتمامها شريطة أن تكون المسائل المالية سليمة. وصرح بودي أن شركته قد تستخدم أموالها النقدية لشراء الحصة المقترحة، أو قد تجمع التمويل من السوق.

في غضون ذلك، أي عملية تشغيل مشتركة بين “طيران الجزيرة” و”الخطوط الكويتية” ستكون متنامية ومتكاملة إلى حد بعيد،  وستحل العديد من  المشاكل التي تواجه الناقلتين. بالنسبة لشركة طيران الجزيرة، ستوقف عملية التشغيل المشتركة هذه إغراق الخطوط الكويتية لطاقتها الاستيعابية في الأسواق ذات المسافات القصيرة، إضافة إلى أنها ستمد الشركتين بمنتجات رخيصة وعالية في الآن معا، وعلى الأرجح ستكرس ” الكويتية” طاقتها في العمليات التشغيلية للوجهات ذات المسافات الأطول، والعمل في الوقت ذاته في أسواق ذات مسافات قصيرة و متوسطة.

في الوقت الراهن، ستنافس الشركات على تسع مسارات إقليمية في الشرق الأوسط، لكن سياسة طيران الجزيرة تقوم على ضمان حصولها على حصة كبيرة في السوق الذي تعمل به باستثناء الوجهات البعيدة.

الطاقة الاستيعابية لشركة طيران الجزيرة والخطوط الكويتية(مقاعد) على المسارات الإقليمية: 22 إبريل 2013 -28 إبريل 2013

3
المصدر: كابا- مركز الطيران المدني وأنوفاتا

من خلال الاستحواذ على شركة الخطوط الجوية الكويتية ستتمكن ” الجزيرة” من النفاذ إلى أسواق دولية هائلة. وعلى الرغم من أن الكويت لديها سياسة اتفاقيات السموات المفتوحة، إلا أن الرئيس التنفيذي في شركة طيران الجزرة ستيفان بيتشلر اشتكى من أن سوق الطيران في منطقة الشرق الأوسط لا يزال يعاني من الحمائية وبحاجة إلى تجاوز الحساسيات الوطنية، داعيا دول المنطقة إلى تطوير سياسة سموات مفتوحة حقيقية لبلورة إمكانية نموها الحقيقي.

بالنسبة للخطوط الجوية الكويتية، ستساعد الأموال التي ستحصل عليها من الخصخصة على إعادة هيكلتها، ومساعيها الملحة نحو تحديث أسطولها المتقادم. وتنوي الشركة استئجار ما بين 10 إلى 12 طائرة لتلبية احتياجاتها على المدى القصير، ومن المتوقع أن تطلب حوالي 20 طائرة في غضون العامين المقبلين.

من جهة أخرى، ستستفيد الخطوط الجوية الكويتية من الخبرات الإدارية التي تتمتع بها ” طيران الجزيرة”، لاسيما ومساعي خطة التحول نحو الربحية الناجحة التي أقدمت عليها ” الجزيرة” بقياد بيتشلر بين عامي 2009 و2010. إذ خضعت طيران الجزيرة التي كانت تعاني سابقا إلى عملية إعادة تنظيم عميقة أثناء ذلك، وقلصت حجم كادرها وأسطولها، ورفعت معدل ربحيتها لمستويات قياسية، لتعود بعد ذلك إلى النمو. واي كيان مندمج بين الشركتين، أو على الأقل تعاون  بين هاتين الناقلتين، سيعطيهما الحجم الكاف لمواجهة منافسة بعض شركات الطيران الوطنية الصغيرة الأخرى في المنطقة، والتي تناضل في مساعيها نحو التعافي مثل طيران الخليج، والطيران العماني.

قصة نجاح

على الرغم من أن شراء شركة طيران اقتصادي ناجحة وخاصة لناقل وطني ليست عادية، إلا أنها قصة مطروقة من قبل. ففي عام 2007، اشترت شركة ” جي أو إل” البرازيلية وهي شركة طيران رخيص التكلفة، الناقل الرسمي فاريج بعد أن تعرضت الشركة الوطنية للإفلاس، وواجهت عملية تصفية. لكن الأخيرة اندمجت بالكامل تحت لواء عمليات ” غول”. لكن ولإن الأمر لا يخلو من المشاكل، ربما لو أتيحت الفرصة أمام ” غول” مجدداً، لما أعادت هذه التجربة ثانية.

من جهتها، قامت شركة ريان إير الإيرلندية بمحاولات متكررة لشراء الناقل الوطني ” اير لينغوس” لمدة سنوات عديدة، على الرغم من رفض المفوضية الأوروبية والمالك الحكومي الجزئي للشركة المساعي تلك. وفي حالة خطوط الطيران الإيرلندية، كانت شركة الطيران منخفض التكلفة هي الشريك المهيمن على السوق.

من الأمثلة الأخرى، اهتمام شركة  الطيران الاقتصادي أير أيجا ومقرها ماليزيا بالاستثمار في خطوط الطيران الماليزية، على الرغم من إلغاء اتفاقية مقايضة الأسهم المقترحة بين الناقلين في بداية شهر مايو من عام 2012، ليحل محلها اتفاقية تعاون أكثر محدودية. ولم تكن التجربة الأولية مثمرة، بسبب جملة من القضايا السياسية والثقافية المتعلقة بالشركة.

بالنسبة لشركة إير لينغوس التي من المستبعد أن تسيطر عليها الآن شركة ريان إير، تعد شركة الطيران الوحيدة بين هذه الشركات التي كانت ولا تزال تعمل بربحية. بالنسبة لشركة طيران خاصة وكي تضع يدها على شركة مسيسة للغاية، ومملوكة للحكومة، وتتكبد خسائر، وتعتبر كإرث، فالأمر ليس مغامرة بسيطة. لهذا لن تدخل “طيران الجزيرة” أي صفقة مالم تكن متيقظة تماماً.

خطة التحول نحو الربحية

بعد الخسائر التي تكبدتها في 2009 والنصف الأول من 2010، أطلقت شركة طيران الجزيرة خطتها للتحول نحو الربحية، وخفضت طاقتها الاستيعابية على نحو كبير، وقلصت من شبكة عملها وعدد موظفيها. وكانت  النتيجة أن سجلت أرباحا ، وحققت 11 فصلاً من النتائج الإيجابية، ولا تزال ماضية في ذلك.  في الربع الأول من 2013، بلغ صافي الربح الذي حققته “طيران الجزيرة” 3.6 مليون دينار كويتي أو ما يعادل 12.6 مليون دولار، وهو رقم قياسي للفصل الأول بالنسبة للشركة، وأعلى بنسبة 230 % عما حققته من صافي نتائج خلال الفترة ذاتها من 2012. واليوم تتجه طيران الجزيرة نحو خطة رئيسية جديدة أطلقت عليها اسم ” STAMP”، تحدد على إثرها إستراتيجية الشركة  لعامي 2013 و2014.

وتهدف الخطة الإستراتيجية هذه إلى زيادة ربحية عمليات التشغيل في شركة طيران الجزيرة دون أي إضافات جوهرية على الوجهات والطائرات، أو التكاليف الأخرى. وتقوم الخطة على زيادة الربحية من خلال دمج عامل الحمولة مع تحسين العائد، الأمر الذي ينتج عنه إيرادات إضافية للشركة. والهدف الجامع لإستراتيجية ”  STAMP” يقوم على زيادة عامل الحمولة في الشركة بنسبة 68% بحلول عام 2014.

وتعد خطة التحول نحو الربحية التي أطلقتها طيران الجزيرة واحدة من أفضل قصص النجاح في قطاع الطيران بمنطقة الشرق الأوسط. فبعد إطلاقها، واجهت الشركة بعض الصعوبات ووجدت نفسها أمام ارتفاع في أسعار الوقود، وتغيرات على مستوى الظروف الاقتصادية العالمية، بينما زادت الطاقة الاستيعابية في السوق الكويتية لدرجة الإغراق. في عام 2009، انسحبت الشركة من مركزها الثاني في دبي، لتفسح المجال أمام شركة فلاي دبي التي تعمل بنظام الطيران الاقتصادي، الأمر الذي أجبرها على إعادة تنظيم عملياتها التشغيلية. وكانت النتيجة أن تعرضت الشركة لخسائر للعام الثاني على التوالي بعد أربع سنوات من الربحية.

وبناء على خطة التحول نحو الربحية، خفضت شركة طيران الجزيرة أسطولها إلى 6 طائرات، إضافة إلى إلغاء طلب 25 طائرة جديدة، وتقليص شبكتها إلى 19 وجهة، معظمها تساوي الفترة الزمنية التي تستغرقها الرحلة أقل من 3 ساعات انطلاقا من الكويت. ولمواجهة الطفرة في الطاقة الاستيعابية في مركزها المحلي، ركزت الشركة على تحسين الإيرادات والعوائد على حساب حجم المسافرين. وارتفعت بالفعل عوامل الحمولة بدرجة كبيرة، من 44 في المائة في 2010، إلى 51 في المائة في 2011، ثم إلى 66 في المائة في 2012.

وكانت إدارة العوائد الدافع الرئيسي لشركة طيران الجزيرة. واستطاعت إدارة الشركة للطاقة الاستيعابية، وحنكتها في شبكة عملها- كما جرى الحال بالانسحاب السريع من سوريا- إضافة إلى فترة عملية الحجوزات القصيرة جدا أن تساهم في أداء العائد الإيجابي. كذلك وبفضل تقديم خدمات محسنة، من بينها السماح بحمل وزن إضافي للأمتعة مقارنة بالسابق، وتعزيز خدمات الدرجة الأولى، والوجبات المجانية على متن الطائرة، استطاعت “طيران الجزيرة” أن تعزز عوائدها.

والنتيجة هي مضاعفة تلك العوائد خلال فترة أربع سنوات، ودفع إيرادات الشركة بقوة حتى في ظل هبوط حركة المسافرين بسبب تخفيض الطاقة الاستيعابية.

عوائد طيران الجزيرة ( بالفلس الكويتي): الربع الأول 2009 حتى الربع الأول 2013

4
المصدر: كابا- مركز الطيران المدني وطيران الجزيرة

ملاحظة: الدينار الكويتي يساوي 3.5 دولارات

شركة سحاب لتأجير الطائرات

من العوامل الداعمة لنجاح خطة التحول نحو الربحية، كان وحدة سحاب لتأجير الطائرات التابعة لشركة طيران الجزيرة، التي ضمنت مرونة هائلة لعملياتها التشغيلية، وأتاحت للشركة توجيه طاقتها الاستيعابية الفائضة، وتحويلها نحو أصول مربحة أكثر من السابق. وكانت شراكة انطلقت بالأصل كمشروع مشترك مع شركة “إن بي كيه كابيتال”  وطيران الجزيرة أثمرت عن ملكية حصرية لوحدة التأجير في فبراير 2010، واستثمار 25.6 مليون دولار. وفي عام 2010، استحوذت شركة سحاب على نصف أسطول شركة طيران الجزيرة تقريبا، لتتبقى 6 طائرات جديدة بحوزة الأخيرة. وتم تأجير الطائرات الأقدم من طراز A320  لعدة شركات طيران، من بينها فيرجين أميركا، والخطوط الجوية السريلانكية. ومنحت وحدة التأجير الشركة إيرادات ثابتة لتعويض النشاط الموسمي لشركة الطيران، وتسجيل ربحية ممتازة. وفي بداية مساعي مجموعة طيران الجزيرة نحو التحول إلى الربحية، شكلت شركة سحاب لتأجير الطائرات 24 % فقط من إيرادات المجموعة، و 52%من صافي أرباحها.

ومع ذلك تعد اليوم شركة طيران الجزيرة المصدر الرئيسي لأرباح المجموعة. ففي عام 2012، كانت شركة الطيران الرئيسية مسؤولة عن 59% من صافي أرباح المجموعة ، و76% من مجموع الإيرادات. لكن وفي الربع الأول من 2013، و المعروف عن هذا الفصل أنه الأضعف بالنسبة للشركة، استطاعت المساهمة بنسبة 60% من ربحية” طيران الجزيرة”.

نمو ثابت

بعيداً عن الاستثمار في الخطوط الجوية الكويتية، تتخذ طيران الجزيرة طريقا بطيئا لكنه ثابتا، وتركز على تقليص التكلفة، وتعزيز الكفاءة بدلاً من نمو المسافرين المكلف، لتحقيق تحسن في ربحيتها المالية. وتركز استراتيجية” STAMP” على الحفاظ على شبكة الشركة الجوهرية التي تقل عن 20 وجهة، وزيادة الكثافة والطاقة الاستيعابية لتحقيق النمو. وبناء على توسعة أسطول ” الجزيرة” المتأنية، من المتوقع أن تضم الشركة إلى أسطولها ثلاث طائرات جديدة في غضون العامين المقبلين، ولم تفصح الشركة عن أي طلبات جديدة ممكنة مستقبلا. ومع استلامها طائرة جديدة، ستقوم بتأجير الطائرة القديمة عبر شركتها سحاب.

في غضون ذلك، فاقت طلبات الاكتتاب في إصدار حقوق شراء الأسهم الأخير الذي طرحته الشركة في عام 2012، لتمويل الاستحواذ على الطائرات المتبقية وزيادة رأسمالها، 2.25 مرة. وباعت الشركة 178 مليون سهم، الأمر الذي زاد فعالية رأسمالها بمعدل 74% إلى 42 مليون دينار كويتي أو ما يعادل 148 مليون دولار. وتملك اليوم الشركة ميزانية عمومية سليمة، تبلغ 47 مليون دينار أو ما يساوي 165 مليون دولار من السيولة. كما تلقت الشركة من وكالة ائتمان الصادرات الأوروبية تمويلاً كي يساعدها في شراء طائرات جديدة من طراز A320.

وسوف يتمحور نمو حركة الطيران عام 2013 حول التحسينات الحاصلة في عامل الحمولة ومن خلال زيادة التواتر عبر الشبكة الحالية، وبخاصة الوجهات الجوية التي تمت إضافتها مؤخراً مثل  مصر والعراق. كما تركز “طيران الجزيرة” أيضاً على تحسين الكفاءة التشغيلية، فعلى الرغم من كون أسطولها حديث العهد وصغير، فهو يتميز بالفعل باستخدام عالٍ للطائرات وزمن سريع للرحلة ما بين الذهاب والإياب.

وتظهر مؤشرات السوق الكويتية نمواً قوياً جداً لقطاع السفر في المنطقة، حيث تبدي التوقعات بشأن طيران الجزيرة في البلاد اتجاهاً إيجابياً. و تعد الكويت سوقاً يعمل وفق إستراتيجية (point to point)، الأمر الذي يناسب نموذج الأعمال لشركات الطيران والمنتجات المحلية البسيطة نسبياً. إذ نمت حركة الطيران في مطار الكويت الدولي من نحو ستة ملايين عام 2006 إلى 9.5 مليون عام 2012. وسجلت طيران الجزيرة حركة نمو أعلى من معدل الحركة المعتاد في أوائل عام 2013.

حركة المسافرين في مطار الكويت الدولي

5
المصدر: كابا- مركز الطيران المدني ومطار الكويت الدولي

هذا ويتمتع الكويتيون بمعدلات متزايدة من الدخل المتاح، وهم يبدون ميلاً متنامياً نحو السفر. وتتطلع “طيران الجزيرة” إلى تحسين عملياتها التسويقية وزيادة حركة السفر بقصد الترفيه، وتركز على جودة الخدمة في جميع مقصورات طائراتها. كما تسعى الشركة للاستحواذ على حصة أعلى في سوق العمل، وهي تقوم بتصميم منتجاتها بشكل مخصص يرتكز على تقديم المزيد للركاب المتميزين.

بالإضافة إلى ذلك، تتوقع ” طيران الجزيرة” تسجيل نمو معتدل في عامي 2013 و 2014، وذلك عند الانتهاء من الخطة الاستراتيجية الرئيسية ” STAMP”. علاوة على أن  الشركة  تبدو مقتنعة ببقائها المشغل الصغير والمحنك في منطقة تهيمن عليها شركات الطيران الضخمة المملوكة للحكومة. هذا ويتركز اهتمام الشركة على إحراز ربحية متنامية، وتحقيق عوائد لمساهميها، بدلاً من مضاعفة النمو السريع لعدد الركاب الذي تسعى إليه شركات الطيران الأخرى في المنطقة.